الزيت والزيتون
يكثر شجر الزيتون في سواحل لبنان ووديانه ومنحدراته. يُزهر هذا الشجر في شهر آذار، ولا يمضي على الزهر وقت طويل حتّى يتكوّن منه حبوب صغيرة كبيض النمل، فتأخذ في النموّ رويدًا رويدًا إلى أن تصبح الحبّة ككلوة الإصبع الصغيرة في شهر آب.
ولون هذه الحبوب يبدأ أخضر غامقًا ثم تنقص خضرته فيشحب لونه، بعد ذلك يصطبغ بلون أحمر، وعندما يأتي الخريف ويهطل المطر يسودّ. حينئذ يبدأ موسم قطاف الزيتون، فيحمل الرجال السلالم والمطالع إلى الحقول برفقة النساء ويقطفون الأثمار ويضعونها في سلال أو يلقون بها على الأرض حيث تُلتقط وتُجمع. تنقّي النساء أحسنها وينقعنها في ماء الرماد حتّى يذهب بعض مرارتها، ويغسلنها في الماء المملّح، ويضعنها في غوارٍ لتكون جزءًا من مؤونة البيوت في الشتاء.
وما تبقّى من الزيتون يحمل إلى المعصرة حيث يُدرَس ويُسحق أولًا ثم يوضع في قِفَفٍ ويُعصر عصرًا لطيفًا حتّى يخرج منه الزيت البكر، وهو زيت لذيذ الطعم والرائحة؛ وبعدها يُروَى هذا الزيتون المسحوق بقليل من الماء ويُنقل إلى المكبس فيعصره عصرًا شديدًا، فيخرج منه الزيت الاعتيادي الذي يستعمل في التجارة وصناعة الصابون.
يوسف س. نويهض